عزفت
أنامل المطر على زجاج النافذة لحناً شجيا لامس أوتار قلبه، بينما كان قرطاسه بين أنامله
ويده اليسرى تمسك بالقلم... شعر باختلاج في روحه... شعر بقشعريرة الإلهام تتسلل إلى
قلبه... أخذت أنامله تعصر القلم بقوه فوق الصفحات، وهي تخط كلمات طالما أراد أن
يكتبها.. لطالما أراد أن يخطها، لكن الخجل والارتباك والخوف كانوا جميعا ضده... يتعاضدون...
كتب
بكل كيانه... بكل ذاك الحب الذي لم يستطع يوماً أن يفصح عنه.
إليك
أيتها الصغيرة الحبيبة.
إليك
أكتب ... رغم أنك لاتدركين مدى حبي لك ... رغم أنك لم تعرفي أني أراقبك كل يوم
بينما تسقين الزرع في حديقة المنزل قربنا... ياجارة الخير إني بحبك متيم ...
أخشى
البوح. أخشى القول. أخشى كل شيء. لست أعشق غير ألحان كماني التي أعزفها لك قرب
شباكي علك تسمعين عزفي على أوتار قلبي المستعر حباً لك دون أن أعرف متى ولا كيف. هلا
لك أن تردي... أرسل لك خاطرتي في الفضاء الواسع لهذا الكون رغم أنك لا تبعدين سوى
خطوات عن منزلي.. إلا أنني أخشى البوح. أخشى أن أراك وترينني لأنني مقعد فوق كرسي
مدولب ...لأنني سأظل في حزني وحبي مدفوناً هنا بين أربعة جدران صماء لاتفقه من حبي
ولا من شعوري إلا تلك الألحان فأحسها تستجيب معي وتنتحب أحيانا وتبكي دموعاً من
رطوبة أتلمسها بأناملي...
حبيبتي،
هل لك أن تعرفيني.. أن ترفعي عينيك الجميلتين وتري أنني هنا خلف الستارة أعزف لأجلك
فوق الكمان ... بينما تسقين الزهور؟
هل
تعرفين أو تدركين بم يضطرم قلبي من نار تحرقه وتكويه كل آن وحين... اسعفيني.. ولو
بنظرة منك إلي ... مولاتي... سأكتب هذه الرسالة لك وأتجرأ أن أرميها فوق غصن
الزيتون حيث أراك تجلسين أسفله كل يوم تسقين الزهور الصغيرة خاصتك.... سأتجرأ.. رغم
أنني لا أستطيع النهوض... فرصاصتان في عظمي الفخذين في حرب الخليج قد شلتا ساقي، ولم
أعد أقدر أن آتي إليك لأراك وتريني.. كي أخبرك كم أحببت صمتك وتأملاتك الطويلة تحت
غصن الزيتون هذا أسفل شرفتي... كم أحببتك مذ كنت طفلة تهرعين هنا .. تبكين تارة
وتتكلمين مع جذع الشجرة تارة...
هلا
تكرمتي ...بعد هذا .. أيا مولاتي أن تحبيني...
رفع
القلم أخيراً من فوق قرطاسه وتنهد بحسرة وهو يستمع لنقرات قطرات المطر فوق زجاج
نافذته. رفع الكمان واقترب بكرسيه
المدولب قرب الشباك، وبدأ يعزف لحناً حزيناً يسلي وحدته وعذاباته....
رسالة
من معذب مجنون.
رشيد
اخديم
-الجديدة-

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire