هناك:
في
مدينتي... نعم هذي المدينة.
ينام
النورس، أقرأ رواية وأصير شخصية خارج الحكي. أحب امرأة من ورق. النادل يسارع خطاه
لجلب طلب ما. أطلب "أتاي"بالزعتر. وحده أتاي القادر على فهم تفاصيلنا
الصغيرة، هو ليس شراباً فقط.. هو هوية وثفافة، طقس للحديث والحكي والحكاية. هو
الجنوبي بعطر البخور ورائحة الأرض.
رفيقي
النورس يقف كما هو دائما على صخرة يراقص الريح ويبين لأنثاه قدرته على الصيد.
المكان للشاي والمارة، للنوارس المنهكة.. لعبث اللحظات ورائحة القهوة.
هنا
نتمشى بلا فوضى المدن الكبرى، لا زحام، لا سيارات كثيرة تثقل المسامع. لا نملك
متاجر كبرى ولا حتى تلك الرفاهية الكبيرة. هنا نزرع بعض الوريدات الصغيرة، نجمع
الحصى المرمي على الشط كأطفال بشغف كبير. هنا تكبر البساطة كنبتة في كف عجوز الحي..
هنا
" نربي الأمل" والصياد أيوبنا في الصبر وهو يقف وراء قصبة الصيد. نختار
مقاس الحب بحجم قلب طفلة بضفيرتها الصغيرة.. هنا نصير غرباء أحيانا، وأحيانا نعرف
بعضنا البعض. فينا المزاجي المسكون بزبد الموج، وفينا المسكون بالغروب..
هنا
نفتح القلب كمظلة تقينا شمس النهار، نفتحه بلا تردد ككتاب نقرأه بالجهر، ونصنع من
خبزنا طعاما لرفاقنا النوارس. هنا أشبهني حد جهلي لنفسي. هنا يمكنني الإنصات
لفيروز أكثر..
هنا:
نام النورس بجانب صياد أنهكته شبكة البحر، ترك جسده ممددا بلا مبالاة. أغلقت امرأة باب
قلبها بقفل وشباك، تركت الربيع يتيما.
هنا
أبحث عني في الممر اللولبي، في الجوانب وجوه كثيرة. واحد يدخن بشراهة وينظر للبحر،
لربما يلعن حظه ويفكر في فردوس مفقود وراء البحر.. آخر منهك في كتابة شيء على شاشة
الهاتف، ربما يراسل شخصا آخر أو سيدة تفصل بينه وبينها مسافة وطريق طويل.
طفل
يلاعب كلبا، يسابقه على الرمال، امرأة تمسك بيد ابنتها الصغيرة ويختفون في نهاية
الممر.
هنا
تطلع الشمس باكرا، ضباب خفيف وطفلة تتجه نحو المدرسة تحمل على ظهرها محفظة تزن
أكثر من وزن جسدها.
حميد
بن الشيخ- طانطان

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire