ما البستان يا سيدي؟
قد يظن البعض أن الحديقة هي البستان، وأن كل شخص يمكن أن نطلق عليه إنسانا، ولكن هذا الاعتقاد لن يوصلك إلى اليقين أبدا ! فالحديقة محاطة بسوار يحجب عنا ما بداخلها من أزهار وحيوانات وشجر الزقوم والسنديان... وهذا شبيه بقلب فارغ من المحبة، مدغدغ بعقبات تستر الحب الذي بداخله..أما البستان فإني لا أجد له قرينا إلا كقلب المحب؛ الذي إذا تكلم أثلج صدرك رفقا، وإذا أبصرك قصم ظهرك شوقا، وإن جالسته وقفت حائرا من الياسمين وأوراق الزهر، فتجده صافي الطباع، سجي المودة عن اقتناع، أما وإن نظرت في عينيه كأنك تبصر قلبه وما عليه من شهاد العسل وأشجار الزيتون وعراجين التمر...فقلب المحب بستان لا يحيط به سوار، وفي يقيني هو ما أسميه إنسانا.
ومتى يحلو السفر يا سيدي ؟
يحلو السفر حين تتناغم أصوات المحبة في قلبك، وتتآلف جوارحك على الخير والمودة ؛ فهذا دليل قاطع على الإخاء والوئام الذي يحلق بين ثنايا مشاعرك، فإن أنت فعلت فلك شعاع النور بداخلك وستدهش يا سيدي من علامات رضا الله عليك وفيض رحمته، أما وإن تعلق فؤادك بأهداب الحقد والضغائن وارتفع سقف توقعاتك بسوء الظن وخيباته فتلك علامة من علامات الحزن والاكتئاب عليك، وتكون بذلك قد شعلت حربا بين قلبك وعقلك وأطفأت مصابيح النور بداخلك وخمدت كل أسرار المحبة.
ومن تكونين يا امرأة؟
أنا أكتب عن الموت والمحبة وعن الإنسانية والخيانة والأمل..
وأنت تتفرغين للكتابة عن الحب والاهتمام والابتسامة وعن فيض المشاعر والأحاسيس..كل
ذلك جميل ورائع ورائق لي كثيرا، لكن ما يثير انتباهي هو هذا التجاهل التام
واللامبالاة المطلقة ! أكتب عن المحبة وأفعل وعن الإنسانية فأرأف وعن الخيانة
لأتوخى الحذر، ولكنك تكتبين عن الاهتمام ولا تفعلين وعن فيض المشاعر وتبخلين وعن
الحب الذي لا تظهرين ! أليس هذا مأساة للكتابة وتطبيعا للوهم ؟ ! فبون كبير وشاسع
بين ما نكتب وما نقوم به حقا !
عبد الإله السليماني
الرشيدية

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire